مصابيح دندرة في مصر وادي النيل، وبطارية بابل. ماذا تعني “دندرة”؟ وهل عرف العرب القدماء الكهرباء حقاً؟

نعود الآن إلى تاج آمون، أو ما يعرف بقلنسوة آمون الشهيرة التي تتميز بقرنين يرتفعان فوق رأسه، ومثله لزوجته أمونت ومن البديهي بأنها صيغة التأنيث العربية لاسم آمون، الأمونة هي الشريفة، الوجيهة بالعربية.

إن هذه القلنسوة التي تدعى تاج آمون لم يضعها أي ملك آخر غير آمون، ميّزته هو بالتحديد، لهذا من المفيد أن نعرف ما هي دلالة هذا التاج ذي القرنين.

قلنسوة آمون وأمونة، التاج ذو القرنين:

لنقرأ معاني “قرن” بالعربية:

قَرْنُ الجبل: أعلاه، قمته، رأسه. القرْناء: الحيّة. القرْنان: منارتان تثبتان على البئر، وقَرْن الشمس: أولها وأعلاها.

القًرن: القوة. قرنا الرأس: ناحيتاه. قرَن الشيء بالشيء: شدّه إليه. الإقران: الطاقة والقوة. كما أن القرن: هو البوق، الصُور، القمة، جناح، مكان عالي، وبأس.

قرون البحر: هي المرجان، وهي اسم للكهرباء بلغة العرب القديمة (انظر القاموس الكلداني – العربي للمطران يعقوب أوجين منّا الكلداني). وهنا بيت القصيد: إن هذا التاج ينطبق على شيء هو عبارة عن طاقة، قوة تتولد من اقتران طرفين، فماذا تكون غير القطبين السالب والموجب في توليد الطاقة الكهربائية؟، لنقرأ حول كيفية توليد الكهرباء:

“تتألف الذرات من نواة ومجموعة من الإلكترونات، وتكون المواد الناقلة للتيار الكهربائي مؤلفة من نواة ومجموعة من الالكترونات السطحية ذات ارتباط ضعيف معها، وأي تحريض بسيط سيؤدي لترك مكانها وانتقالها إلى ذرة مجاورة. ولكي نحرّض الالكترونات على الانتقال بشكل منظم وبكمية كافية نستخدم منبع طاقة أو ما يسمى مولّد جهد (فرق كمون). وتكون حركة الالكترونات من القطب السالب نحو القطب الموجب.

الكهرباء هي نوع من أنواع الطاقة وهي عمليّة تدفّق الالكترونات في الموصلات الكهربائية وما ينتج عن هذا التدفق من تأثيرات حرارية وضوئية وميكانيكية. عند ربط جهاز ما ببطارية يحدث تفاعل كهروكيميائي منتجاً طاقة كهربائية”.

من اكتشف الطاقة الكهربائية ومن أول من نجح بتوليدها؟، إن الشائع الذي قام الغرب بنشره هو ما يلي:

“أول من اكتشف هذه العملية هو الفيزيائي الإيطالي الكونت أليساندرو فولتا عام 1799 عند ابتكاره بطارية بسيطة عبر تكديس طبقات متتالية من الزنك والكرتون أو القماش المنقوع في محلول ملحي، والفضة. هذه التراتبية التي كانت تُدعى بالكومة الفولتية Voltaic pile لم تكن أول جهاز يولد الكهرباء، ولكنها كانت الأولى التي تولد تياراً ثابتاً ودائماً.

ثم طور العلماء تصميم فولتا الأصلي ليصنعوا بطاريات مصنوعة من عدة مواد وبأحجام مختلفة. في عام 1836 اخترع الكيميائي الإنكليزي جون فردريك دانييل خلية دانييل Daniell cell. في هذه البطارية الأولية (البدائية) توضع صفيحة نحاسية في الجزء السفلي من وعاء زجاجي ويُسكب فوق الصفيحة محلول كبريتات النحاس حتى يملأ نصف الوعاء. ثم تُعلّق صفيحة زنك في الوعاء ويضاف إليها محلول كبريتات الزنك. ونظراً لأن كبريتات النحاس أكثر كثافة من كبريتات الزنك، فإن محلول الزنك يطفو على محلول النحاس ليحيط بصفيحة الزنك. يمثل السلك المتصل بهذه الأخيرة الطرف السالب، بينما يمثل السلك القادم من الصفيحة النحاسية الطرف الموجب.

ولتوليد شحنة كهربائية من البطارية بشكل صحيح يجب أن نصلها بحِمل Load، قد يكون الحِمل شيئاً كمصباح كهربائي، أو محرك، أو دارة الكترونية مثل المذياع.

لكن هل من الممكن أن نقول أن هؤلاء أول من صنع بطارية في العالم؟ لا، ففي عام 1938 اكتشف عالم الآثار ويلهلم كونيغ Wilhelm Konig بعض الأواني الفخارية الغريبة في العراق بينما كان يحفر خارج بغداد. احتوت الجرار التي كانت بطول 5 بوصات (12.7 سم) على قضيب حديدي مغطى بالنحاس. كشفت الاختبارات أن تلك الأوعية احتوت على مادة حمضية كالخل أو النبيذ أو حمض الليمون، ما قاد كونيغ للاعتقاد أنها كانت بطاريات قديمة. فصنع العلماء نسخ من الآنية التي اشتهرت باسم بطارية بغداد أو بطارية بابل، والتي سرقها الجيش الأمريكي من متحف بغداد إبان الاحتلال الأميركي الأخير للعراق، ووجدوا أنها قادرة بالفعل على توليد شحنة كهربائية”.

إذن قام العرب القدماء بتوليد الكهرباء فعلاً اعتماداً على الحديد والنحاس ومحلول حامضي وهذا ما يدعى بالتفاعل الكهروكيميائي، وصنعوا الخلية الكهروكيميائية “البطارية” Battery، وهي بالعربية من البَطَر وتعني النشاط، وأبطر ذرْعه: حمّله فوق ما يطيق فألقى حمله على ذراعه الآخر (ابن منظور، لسان العرب). إن هذا هو دور البطارية تماماً، فهي تنشط التفاعل الكيميائي فيزيد حمل الذراع (الالكترود، القطب) السالب، فتتدفق الالكترونات باتجاه الذراع (الالكترود، القطب) الموجب، فينشأ التيار الكهربائي.

أما الكهرباء فأصلها بالعربية القحرباء من قحرب وتعني صَرَعَ. قحربه وقحزنه: صرعه وضربه حتى وقع. ومرض الصَرَع هو داء معروف سببه زيادة، أو خلل، بكهربائية الدماغ.

إن القرنين هما قطبا توليد الكهرباء، وقد رسمه سكان وادي النيل القدماء بشكل خلية كهروكيميائية واضحة.

إذن فقد عرف العرب القدماء الكهرباء وقاموا فعلاً بتوليدها، فهل استخدموها في الإنارة واستخدامات أخرى؟ الجواب هو نعم، لقد استخدموها في الإنارة بالتأكيد، أبلغ دليل على ذلك النقوش التي وجدت في معبد “دندرة”، في محافظة قنا في مصر والذي اكتسب اسمه من اسم النقش الشهير الذي تضمّن المصابيح الكهربائية بشكل واضح، والذي فضّل “الباحثون” الأجانب الادّعاء بأنه رسم لزهرة نيلوفر!، بدل الاعتراف بالحقيقة التي عتّموا عليها تماماً، وهي أنه رسم واضح لمصابيح كهربائية، هذا النقش يدعى “ضوء دندرة” Dendera light.

إن الكذبة التي ابتدعها الغرب حول “مغامرة” توماس أديسون الذي اشتهر ب”الغباء والبلادة لدرجة أن مدرّسيه كانوا يطردونه من المدرسة”، والذي فجأة أصبح “عبقرياً، اكتشف الكهرباء واخترع المصباح الكهربائي”، هي قصة درامية لا تخلو من التأثر المصطنع وشيء من الإلهام المزيف بضرورة الثقة بالنفس والقدرات الذاتية، هي ليست مجرد كذبة حول لص من لصوص المخطوطات العربية، لم يفعل شيئاً سوى أنه نسبها لنفسه، هي في الواقع جريمة مثلها مثل باقي الجرائم التي ارتكبت بحق أولئك العلماء الأسياد المعلمين، الذين تركوا للبشرية رصيداً ثميناً لا ينضب من الاختراعات والاكتشافات والنظريات العلمية، لم يحِد عنها العالم بعدهم بآلاف السنين، سوى أنهم اليوم بتروها من أصولها، ونزعوا عنها تاريخها، وسلخوها من أيدي عباقرتها الأقدمين، لا لشيء، إلا لأنهم لا يطيقون حقيقة أن العرب قد عرفوا كل شيء وأهدوا البشرية كل شيء، ولسبب آخر دفعهم لارتكاب هذه الجرائم المعرفية هو أنهم ببساطة أرادوا احتكارها، واستثمارها، والتربّح منها، تماماً كما يفعل اليوم لصوص الاختراعات، يسرقونها من أصحابها الحقيقيين للاستفادة من مواردها الاستثمارية المربحة.

أما “دندرا” فهي بالعربية دن + دارة. الدن: وعاء النبيذ أو الخل (انظر معجم الوسيط)، دارة: التوهج والإضاءة، درأت النار: أضاءت (انظر لسان العرب). وإلى الآن يطلق العرب على التيار الكهربائي أو الكهرباء المتحركة تسمية “الدارة”، ونلاحظ وصف الباحثين لبطارية بغداد بأنها كانت “جرار مملوءة بسائل حمضي لإحداث التفاعل هو غالباً النبيذ أو الخل”، إن هذا هو بالضبط تعريف ال “دن” بالعربية.

إذن دندرة هي دن دارة، وتعني حرفياً: وعاء النبيذ أو الخل المولد للدارة الكهربائية، المولّد للضوء، بالعربية.

أحمد داوود، موسوعة نينورتا التاريخية – الجزء الثاني، اللغة الأم.

لماذا يرتدي الطبيب الجرّاح اللباس الأخضر، والكادر التمريضي اللباس الأزرق، والطبيب في عيادته الرداء الأبيض؟ خونسو في نقوش وادي النيل، الطبيب الذي جعلوه إلهاً للقمر!

11 أبريل، 2021

الدكتور أحمد داوود يشرح حقيقة مصطلح ياجوج وماجوج. ارتفاع حرارة سطح الأرض نتيجة زيادة النشاط الشمسي. وأبو الهول هو سد ياجوج وماجوج. مقطع من موسوعة نينورتا التاريخية - الجزء الثاني، اللغة الأم.

11 أبريل، 2021