العلوم العظيمة في القرآن، علم المركبات “الناقة”، الجزء الثاني: كيف وردت المركبات في نصوص سورية – عربية قبل وبعد الإسلام؟، تسمياتها العالمية وجذرها ومعناها الحقيقي بالعربية، العلوم التي سُرقت كما هي بتسمياتها..

مقطع من موسوعة نينورتا التاريخية – الجزء الثاني – اللغة الأم، لأحمد داوود ونينورتا أحمد داوود.

بعد أن تعرفنا على حقيقة معنى “الناقة” في لسان العرب، وبينّا وجود المركبات لدى العرب القدماء من خلال نقش مدينة المعمل “عبيدو” في مصر وادي النيل والذي دعاه الآثاريون “نقش معبد سيتي”، نكمل الآن حقيقة ورود هذه المركبات في النصوص القديمة من الإرث العربي السوري المادي والروحي من خلال النصين التاليين:

  1. عن نص للكاتب السوري لقيان السميساطي:

هذا الكاتب السوري عاش في القرن الثاني ميلادي، كتب مؤلفات كثيرة باليونانية فظن المؤرخون أنه يوناني ودعوه لوكيانوس، كان لقيان يدخل القصص الخيالية في كتاباته تماماً كأجواء ألف ليلة وليلة الساحرة الملهمة، ولقد استند على خياله العديد من الكتّاب الأوروبيين واليابانيين في العصر الحديث كمؤلف أليس في بلاد العجائب وجزيرة الكنز وقصص والت ديزني ومغامرات غراندايزر وساسوكي وحرب النجوم وغيرهم، هذا مقطع من كتاب له بعنوان “قصة حقيقية” يقول فيه: “جاوزت في رحلتي أعمدة هرقل وانحدرت صوب الأوقيانوس،… شاهدنا أرضاً فسيحة نزلنا بها فالتقينا بالهيبوجيب وهم رجال يعتلون عُقباناً ضخمة كأنها أحصنة، احتجزنا الملك وحين طلع النهار نظمونا في صفوف قتال في جيش مؤلف من مائة ألف مقاتل، عدا الخدم وأصحاب الآليات، وكان الخيّالة يمتطون اللاكونوبتر وهي طيور ضخمة مكسوّة بالخَضار بدل الريش وكانت أجنحتها أشبه بورق الخسّ،… أما المشاة فكانوا يتحركون في الفضاء بلا أجنحة، يطيرون بواسطة قمصان تتدلى حتى الكعب كما لو كانت أشرعة،… يرتدي الأغنياء منهم الزجاج اللين، وإن لهم عيوناً يمكن انتزاعها ووضعها جانباً متى شاؤوا، ولقد شاهدت في القصر الملكي عجيبة أخرى هي مرآة كبيرة معلقة إذا ما حدّق بها شخص فإنه يرى كل المدن والشعوب كما لو أنه يعيش بينها..”. (ترجمة سعد صائب ومفيد عرنوق، أعمال لوقيانوس السميساطي المفكر السوري الساخر في القرن الثاني ميلادي، ص191 – 196).

إن هذا النوع من الأدب لا بد أن يوضع في خانة قصص الخيال العلمي أو الفانتازيا، لكن يلفت النظر هنا هذا الوصف للأشياء وتسمياتها:

  • تحدث لقيان عن آليات في الجيش، ما عساها تكون هذه الآليات؟، بالتأكيد هو لا يتحدث هنا عن السلاح والسيوف والدروع.. بل ذكر كلمة “آليات”.
  • تحدث عن طيور ضخمة أجنحتها تشبه أوراق الخس، وقال إن اسمها لاكونوبتر، أليست وصفاً للهيلوكوبتر التي نعرفها اليوم؟ ومن أين اخترع لها هذا الاسم؟
  • تحدث عن أشخاص يطيرون بلا أجنحة، أليست تشبه أجهزة الدفع أو النفاثات التي يستخدمها بعض المغامرين اليوم في الطيران؟
  • الزجاج اللين الذي يرتديه البعض، أليس نفسه النايلون؟
  • العيون التي ينزعونها متى شاؤوا، أليست الناضور؟
  • المرآة الكبيرة المعلقة التي تجعلنا نرى المدن والشعوب ونسمعهم كأننا نعيش بينهم، أليست ما ندعوه اليوم بالتلفاز والديش أو الصحن اللاقط؟
  • عن مقطع للمؤرخ السوري ابن العبري:

هو غريغوريوس أبي الفرج بن أهرون الطبيب الملطي عاش في القرن الثالث عشر ميلادي، وضع بالعربية موجزاً بعنوان مختصر تاريخ الدول أضاف له معلومات علمية وطبية عن العرب، وجدنا بالكتاب المذكور ذكراً واضحاً للطائرة وللسيارة في المقطع التالي يقول فيه ابن العبري: “كان المستنصر بالله الخليفة ببغداد عاقلاً لبيباً كريماً عمّر المدارس والمساجد والرباطات، ومن شدة غرامه بمدرسته المعروفة بالمستنصرية أعمر بجانبها بستاناً خاصاً له، فقلّما يمضي يوم إلا ويركب في السيّارة ويأتي البستان يتنزه فيه ويشرف على المدرسة…

وحضر علي بن بليق بعد العصر وفي رأسه نبيذ ومعه عدد من غلمانه وطلب الإذن فلم يؤذن له فغضب وأساء أدبه فخرج إليه الساجية وشتموه فألقى بنفسه إلى طيّارة وعبر إلى الجانب الغربي واختفى من ساعته”. (ابن العبري، تاريخ مختصر الدول، مقطعان هما ص 442 و ص277).

إن عبارتي “يركب في السيارة” و”ألقى بنفسه إلى طيارة” لا يمكن أن تعنيان غير الطائرة والسيارة التي نعرفها اليوم، إن المركبة التي تجرها الخيول هي عربة الحصان عند العرب وليست سيارة، كما أن الطيارة لن تعني شيئاً سوى طائرة خاصة.

هل نجد التسميات العربية في أسماء المركبات باللغات العالمية؟:

اللغة العربية في مفردات المركَبات الحديثة:

  • السيّارة Car: بالعربية الفصحى في لسان العرب نقرأ: الكُرة: الشيء المدوَّر، وكل ما دار فهو كروي.

كرّ الشيء: دار أو تدحرج، حين يتحرك الخيط بحركة دائرية نقول كرَّ الخيط، وحين تدور السيّارة على عجلاتها نقول بالعربية كرّت السيارة.

يكرّي: يسير، يعدو، يسرع، وقيل المكرّي: السَّير اللين.

كرَت الدابّة: أسرعت.

إذن الكَرّ بالعربية تعني السير اللين السريع بحركة دائرية، صارت Car ولا أحد يعرف لكلمة Car جذراً ولا معنى بأية لغة أخرى، وهنا علينا أن نسأل لصوص الاختراعات والعلوم العربية الذين ادّعوا أنهم أول من صنع سيارة في العالم في العصر الحديث والتي نُسبت لكارل بنز في ألمانيا من أين جاؤوا باسمها العربي؟

ومن الذي أطلق على علبة تغيير السرعة الاسم العربي غيار Gear؟

ومن الذي أطلق على المحرّك أو مثير الحركة اسمه العربي مثير Motor؟

والراكس، المقود بالعربية التي صارت دركسيون Direction، ومنها جاء فعل Direct يحدد الاتجاه.

أبركت: جثمت واستناخت، برَكَ: همد بلا حركة، استراح، صارت Brake كابح، موقف الحركة.

  • البَوْص: نقرأ في لسان العرب: البَوْص السبق والتقدم والاستعجال.

بوَّص: سبق في الحلْبة، بصته: استعجلته، البَوْص: أن تستعجل إنساناً في تحميله أمراً لا يتمهل فيه.

ساروا خمساً بائصاً: أي معجّلاً سريعاً ملحّاً… الكلمة صارت Bus باص بكل اللغات وهي المركبة الكبيرة السريعة ذات الحمولة، فمن أطلق عليها هذه التسمية العربية إن لم تكن اختراعاً قديماً عرفه واستعمله العرب؟

يقول ابن العبري عن العلماء العرب في عهد عضد الدولة أنهم كانوا على درجة عظيمة من العلم فكان عضد الدولة يفتخر بأساتذته العرب ويقول: “معلّمي في الكواكب الثابتة وأماكنها عبد الرحمن الصوفي وفي حل الزيج الشريف ابن الأعلم، وكان عبد الرحمن بن عمر بن سهل الرازي فاضلاً نبيهاً وضع كتاب الصور السمائية مصوَّر، والأرجوزة، وكتاب مطارح الشعاعات، أما ابن الأعلم فهو علي ابن الحسين عالم بعلم الهيئة وصناعة التسيير مذكور مشهور في وقته”. (ابن العبري، المصدر السابق، ص304).

وهنا لفت نظرنا من جملة العلوم الكبيرة والهامة التي كانت لدى العلماء العرب اصطلاح “صناعة التسيير”، إنه شيء يُصنَع ليسير إذن، ولا يمكن أن يدل هذا العلم إلا على صناعة المركَبات كالسيارات والقطارات وغيرها.. ولا يزال العرب يقولون للمركبة ذات العجلات “سيّارة”.

في لسان العرب فلا: سافر، صارت Fly يطير، وفلوة صارت Flight رحلة سفر.

بِلحان وبُلحان: طائر أعظم من النسر أبغث اللون محترق الريش. من الواضح أن هذه الكلمة تتحدث عن شيء يطير بالاحتراق، صارت Plane طائرة بعد سقوط الحاء باللسان الغربي، علماً أن ابن منظور واضع قاموس لسان العرب عاش في القرن الثالث عشر ميلادي وليس في عصرنا الحديث، إذن كيف قام العرب بتسمية شيء يطير بالاحتراق بكلمة بلحان أو Plane لشيء لم يروه بعد؟، هذا مستحيل، وهذه هي بلينا، العرَبة المدفونة، في وادي النيل.

نخلةٌ طروحٌ: بعيدة الأعلى من الأسفل لشدة طولها، رمحٌ مطرحٌ: طويل بعيد الرمي.

الاطريح: الذي طال ثم مال في أحد شقوقه.

تطرَّح: طال وتباعد، طرَّح الشيء تطريحاً طوّله جداً حتى لا يظهر آخره من أوله.

الطرحان: الطويل جداً والبعيد لدرجة أن أوله لا يرى آخره، صارت Train قطار.

  • ساتالايت Satellite:

يقولون عنه: “إنه شيء يُقذف به ليجري تثبيته على مدار، يتم قذفه للمدار بواسطة صاروخ، يقال إن أول واضع لتصوّر ومعادلات القمر الصناعي هو اسحق نيوتن، أما التسمية فهي ربما من اللاتينية ساتيليس وتعني بانتظار شخص مهم!، مرافق، مساعد، هي كلمة غير معروفة الأصل، ربما تكون من الأتروسكية، غاليلو الذي اكتشف أقمار المشتري دعاها سيديرا ميديشيا، تكريماً لآل ميديتشي، أما سيديرا فتعني الأشياء المحيطة بالأرض، لكن هذه التسمية ساتلايت سُجّلت عام 1936 كنظرية حول آلة من صنع الإنسان تدور في مدار ثابت حول الأرض”.

لاحظوا هذا التخبط حول أصل كلمة “ساتلايت”، في قواميس المصطلحات يذكرون أنها غير معروفة الأصل، فهي ربما لاتينية، وربما أتروسكية علماً بأن الأتروسك تسمية غربية لسكان إيطاليا العرب القدماء (راجع كتابنا تاريخ سوريا الحضاري القديم – 3، روما في شهادة ميلادها السورية)، ويذكرون أن نيوتن أول من وضع قوانين مركبة فضائية علماً أن نيوتن هو واحد من لصوص العلوم العربية وإن كثيراً من الدراسات في الغرب كشفت بأن قوانين نيوتن في الفيزياء إنما هي لعلماء عرب سبقوه منها قانون ذي الحدّين الذي دعاه الغرب قانون نيوتن اكتُشف أنه لعالم عربي هو الكرخي فصارت تُدعى معادلات الكرخي – نيوتن!، وأما غاليلو وكوبرنيكوس فهما بدورهما أعلنا معارفهما استناداً إلى العلماء العرب منهم ابن الشاطر الدمشقي الذي كانت مؤلفاته تملأ مكتبة كوبرنيكوس وغاليلو، وظهرت بعض الدراسات في الغرب تتحدث عن أن غاليلو غاليلي عالم عربي هو خليل الخليلي، ومن الواضح أنه أطلق على أقمار المشتري تسمية عربية Sidera فالسِدر بالعربية القمر، والسدر الدّوار، والذي يسدر في البحر أي يصيبه دوار البحر، فالسدارة هي القمر الدوّار. (لسان العرب لابن منظور). 

إذن كما نرى لا أحد يعرف أصل كلمة ساتلايت حتى اليوم، لكنهم وصفوه بأنه “شيء يُقذف به ويتم تثبيته في مدار معين ليدور ويلفّ حول الأرض”، فمن أين جاءت الكلمة ومن أطلق على هذا الشيء هذه التسمية؟، لنرَ:

نقرأ في لسان العرب: لاث الشيءُ لَوثاً: أداره مرتين كما تُدار العمامة، وفي الحديث }فحللتُ من عمامتي لَوثاً أو لَوثين{ أي لفّة أو لفّتين.

لاث بالشيء يلوث: أطاف به. اللواث: الطواف حول الشيء.

لاث الرجلُ: دار ولزم مداره، والالتياث: الالتفاف والدوران.

الصّتُّ: الدفْع بقوة، الدفْع بعزم، بقهر، وهو القذف.

إذن ساتلايت Satellite هي اجتماع كلمتي الصاتّ اللَيث بالعربية وتعني حرفياً الشيء المقذوف ليلف حول الأرض، إنه أمر مذهل حقاً كيف حافظت التسمية العربية على معناها بهذه الدقة، وهذا دليل آخر على معرفة العرب منذ القديم بهذه العلوم والاختراعات وبأنهم قاموا بها لأول مرة وبقي سرّهم المكنون بصمة لهم، في التسمية التي ما تزال تحمل معناها العربي والذي لا يعرف أحد في العالم من أين جاء الاسم.

العلوم العظيمة في القرآن، الحلقة الثالثة: الناقة. هل هي حقاً ناقة الصحراء كما جرى تفسيرها؟، أم علم صناعة المركبات؟، وهل نجد المركبات في تراث العرب الأثري والمكتوب؟ كيف حافظت التسميات الأجنبية على الأسماء العربية نفسها؟..

19 سبتمبر، 2021

العلوم العظيمة في القرآن، الحلقة الرابعة: حقيقة آية "سنسِمُه على الخرطوم"، علم الجينات بتفاصيله ومصطلحاته باللغة العربية التي انتقلت إلى الغرب مع علوم العرب.

19 سبتمبر، 2021